السبت، 25 أغسطس 2018

قهوة الصّباح.....بقلم الأستاذ كمال عبد الله



تعيش المرأة العربيّة واقعا يتأرجح بين البؤس و الأوهام في مجتمعاتناالتعيسة...وعادة ما يربط الرّجل العربي...وعندما أقول الرّجل فأنا أعني أيضا النّظامين السياسي و الدّيني...بين سعادة المرأة وبين ما قد يوفّره لها سجّانها من إمكانيّات...فكأنّ المسألة مجرّد مقايضة تجارية...الرّفاه المادّي مقابل الصّمت...و نرى بأنّ أغلب عقود الزّواج في مجتمعاتنا العربية تحتوي على نقطتين هامّتين جدا...عليه الانفاق...وعليها الطّاعة...وبما أنّ مسألة الوفرة هذه غير متوفّرة لدى أكثر من ثلاثة أرباع الرّجال العرب...حتى من الخليجيين...فإنّ هذه المعادلة المستحيلة الحلّ تتحوّل إلى التّالي :أنا لا أستطيع توفير ما ترغبين به...وعليك الطّاعة...ولأنّ الطّاعة...أو الرّضوخ لسلطان الرّجل شيء يحميه القانون في أغلب الدّول العربية فإنّ هذه المعادلة العرجاء تصير قائمة غصبا عن المرأة بقوّة القانون...استيقظت على نباح "بوتشي" الكلب...وعندما ذهبت لرؤية هذه الأسباب التي تجعله ينبح كلّ ذلك النباح المزعج، وجدته يطارد قطا من القطط المشرّدة...ذهبت إلى المطبخ فأعددت لنفسي قهوة...كانت على مستوى معقول من الرّداءة...وضعت فنجان القهوة على طاولة النّوم الصّغيرة ثم اتجهت نحو الحمّام لحلق ذقني...بدا وجهي وكأنّني قد عدت للتّو من الموت...هالة قريبة من السّواد تحيط بعيني...وعلى الرّغم من أنّ كوابيسي قد أعتقتني الليلة الماضية فقد بدا وجهي مخيفا حقا...لم أذهب منذ أيّام لرؤية "44"...كنت منشغلا بعض الشّيء...قد أذهب لرؤيتها اليوم فقد قال لي "منير" بأنّ أصداء وجود "اللّبنانية" معها قد تجاوز حدود "قرية المجانين"...لم أنه فنجان قهوتي...تركت البيت باتجاه "مقهى عادل"...أرى أنّي لم أحلق وجهي جيّدا...مازلت أتحسس بعض الشعيرات على مستوى الخد الأيمن...لا يهم...قبل يوم الأضحى بأيام، تحوّلت "قرية المجانين" إلى خلية نحل...عاد شبانها و صباياها من المدن الكبيرة التي نزحوا إليها بحثا عن الشّغل...نشطت الحركة الاقتصادية...المستوى الذي لا يخضع منها للقانون خاصّة...أي السّلع المهربة...ونشطت ظاهرة "المُوسِمْ"...و "المُوسِمْ" هو الهدية التي يقدّمها الخطيب لخطيبته بمناسبة العيد...يقال بأنّه تعبير عن الحب...ولا أراه كذلك...اجتزتُ السكّة الحديد...اشتقت لرؤية جراء قطط "سحنون" ماسح الأحذية  هي تملأ الشارع مواء...أعلمني "عزالدّين و.ح.ع" بأنّها قد عادت و عندما أعلم الجماعة..."عصابة السّوء أصدقائي" "سحنون" بأنّ رئيس البلدية سوف يتّخذ ضدّه إجراءات ما، لعن رئيس الجمهورية و رئيس مجلس الشعب و رئيس البلدية...أصبحت علاقتي بـ "جميلة الشارع" محطّ شك من الجميع...سمع "فوزي" أحد الشيخين العاشقين وهو يتحدّث إلى صاحبه معربا له عن سخطه منّي معتبرا بأنّني أنا الذي صرت أمنعها من المرور بالقرب من المقهى لأنّني صرت أغار عليها...رنّ جرس هاتفي عندما كنت على مستوى مقهى "السولدي السّوفي"... 
- ألو...أهلا....صباح الورد...
- من هي "اللبنانية"..؟
- نقول صباح الخير أوّلا....
- أخبرني من هي...
- سأحدّثك عنها عندما نلتقي...
- أين أنت الآن...؟
- بالقرب من مقهى " المولدي السّوفي"...
- انتظرني هناك...
- أوك...
يبدو أنّني سوف أعيش الآن وقائع الكابوس الذي لم أعشه البارحة...استندت إلى شجرة مواجهة لمقهى "المولدي السّوفي"...سوف تدخل بحكايات لا تنتهي...وسوف يكون عليّا الصّمت...عندما تغار المرأة يختفي العقل من رأسها...مازلت أعتبر الغيرة شيئا رائعا على الرّغم ممّا سيحصل معي بعد قليل...لن أستعدّ لهذه الحرب الرومنسية...سوف أتركها تثرثر إلى أن ينفجر رأسها....
- أستاذ...هل لي بسؤال...؟
- نعم...
- هل تحبّها...؟
- من...؟
- جميلة الشارع...ست الحلوات...ست الستات...
لم أستطع الكوث واقفا طويلا فاتجهت نحو أحد الكراسي الذي كان موضوعا تحت ظل شجرة أخرى...ما إن رآني السيرفير جالسا حتى جاءني مسرعا فطلبت قهوة سريعة...كان طعمها يشبه إلى حد كبير رداءة طعم القهوة التي أعددتها بالبيت...يعتبر سكّان "قرية المجانين" أنّ حجم الحب يكون مرتبطا مباشرة بقيمة المُوسمْ...وينفق الشّباب أموالا طائلة لإرضاء أهل العروس...سألت صبيّة من الصبايا اللواتي خطبن حديثا عن موقفها لو لم يستطع خطيبها إيجاد المال اللازم لشراء أشياء "مقنعة"...لم تفكّر كثيرا...أجابتني في برود لامبال..." أنهي علاقتي به"...ولمّا سألتها عن الحب قالت لي بلهجة متهكّمة..." عن أي حب تتحدّث أستاذ...؟...أريد أن أتزوج...ما دخلي بالحب..."...بين البراغماتية و النفعية خيط فيع كالخيط الذي يوجد بين الحب و الزّواج...فلا حب من دون زواج...ولا فعل من دون منفعة مادية مباشرة...هكذا تفكّر "قرية المجانين"...
- أستاذ......."..........."...تريدك...لقد أوقفت سيارتها على الجانب الآخر من المقهى...
دفعت ثمن الثقهوة التعيسة التي شربتُ ثم اتجهت نحو الشارع المطل على " عمارة ولد مصطفى" المصوّر...وكانت هناك...نزلت من السيّارة ثم اتجهت نحوي...كانت علامات الغضب منتشرة على كل وجهها...
- ماذا هناك...؟
- من تكون هذه اللبنانية التي تذهب لرؤيتها بــ "حي القاهرة"...
- هي مومس تشتغل مع "44"...
- وما دخلك أنت بها...؟
- لا شيء...أنا كاتب و مهنتي هي البحث عن القصص وروايتها....
- أنت تتحدّث عنّي فقط...كل قصصك الأخرى خيالية و لا وجود لها في الواقع...أنا الوحيدة الحقيقية...
- وهل يزعجك أن أكتب عنها...؟
- نعم...وأتمنى أن لا تفعل..
- هذا تهديد...؟
- نعم...

كمال عبد الله...تونس...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ناطرين بكرا تا يجي ... بقلم جميلة نيال

ناطرين بكرا تا يجي ناطرين بكرا تا يجي يطوي بحنانه المسأله و يا ريت بشويِّة أمل معهم كمان بنفسجه يمكن نغني بليلنا و يمكن ن...