عيد الفطر السعيد
بقلم الفيلسوف الشاعر يوسف علي الشوابكه-الاردن
يا عيد مهلا قبل أن تلج القرى....فالوجد بين قلوبنا قد كرّرا
لم يترك الحال الذي نرتاده...إلا وأصبح بلقعا متحجرا
وهمومنا رفعت علينا راية...لم يبق فينا قيد شبر يشترى
هل جئتنا يا عيد حتى نرتدي...ثوبا جديدا أو نعايد آخرا
فضلوعنا لم تحتمل هذا الضنى...لو أنها صخر تفتت وانبرى
أتبدّل الحال السكاك لغيره...لو ساعة فالقلب صار كنهورا
يا أيها العيد السعيد مصابنا...جلل ولم يصغر به من صوّرا
أوطاننا صارت بأيدي غيرنا...يتلاعبون بها ولا احد سرى
فالقتل عنوان تحدث حالفا...وغدا على المنابر يفترى
من اصدر الفتوى بقتل الناس لا...يمشي على الدين الحنيف وما درى
فكأنما وضع الزمان كناية...لا تقربوا من اجلس الحسنى ورا
تتحطم الآمال صرعى قبلما...نبني عليها منزلا مستأجرا
نقض الوعود وشط عما يدّعي...وتناوبت في أصغرينا الأعصرا
واستفحل الداء العضال ولم يعي...هذا الدواء من الدما وتبعثرا
وأمرّ ما أكل الفتى من كدّه....وصما سيبقى ثابتا لن يصهرا
ترك القناعة خلفه من جهله...وسعى ليأخذ في يديه الاجدرا
لكنه نسيّ المصاعب عندما...وقعت عليه لطّ في فمه الثرى
لم يألو جهدا يستجمّ به فلم...يجد الذي يهواه حين تقهقرا
والحال قــّدر أن يعيش بذلة...لا يعرف الآتي له ما صورا
نبتت على فوديه أقبية الأسى...والوهن اصدر أمره واستنفرا
ساقته أوبال الليالي دونما....يطوي بحاجبه الطريق المبهرا
يشتدّ عند قيامه للمنتقى...ويذلّ عند جلوسه من برّرا
ويظن أن سبيله ما زال في...أخفاف ناقته سليما اخضرا
حتى إذا نظرت له من كوة...وجد السجايا خلف أحلام الكرى
يختال حينا فيهما فيعى الوجى...ويميل كيما عاف أن تتخيّرا
هتك الستار وقلبه مستشعر...يا ليت ما أوعدته قد اعذرا
وكتائب مصفوفة بجيوشها...في لمتيه تصيح قم وتشمّرا
والهمة انتحرت على بقايا فارس...أين الأشاوس هل قضوا قبل السرى
واتيتنا يا عيد هل أنجزت ما...أوعدتنا ام جئت تنتقد العرى
قد أصبحت حالاتنا ميؤسة...منها فلا شيء لدينا يقترا
والذل يركض حاملا صطامه...وقلوبنا نبضاتها لن تظهرا
جذب المصاب على بداية رحلة...هلا نظرت وقلت أصبح أيسرا
نسعى لنرضي من يعادي ربنا...ونخون كل سجية كي تذكرا
ونظل تحت نعالهم بتواضع...نقتات مما قدّموه لنا قرى
نجني بقايا سلعة مشتقة..من أضلع عربية ودم جرى
ما يأمروه ولو على أخلاقنا...كان استباقا من يجيء تطوّرا
قد حاربوا صلواتنا في جامع...وأداؤنا لمناسك لن تغفرا
ما قدّموا إلا الآساءة والأذى...والمال من ثرواتنا قد احضرا
ما يصنعوه بفضل كل مفكــّر...وأصوله عربية فانظر ترى
سرقوا بقوتهم عقولا أبدعت....بالاختراعات التي لا تكترى
ليحاربونا دائما بسلاحهم...ونظل حسب قيودهم مثل الذرا
ودم على الغبراء يسفح حانقا...يا ويلتى انبتّ نبتا اصفرا
والعالم الغربيّ يسعى جاهدا...أن يجعل الإسلام وحشا اسمرا
قتلوا الشيوخ ومن يوحّد ربه...ثم استحلوا مسجدا مستعمرا
في حجة أن الذين توافدوا...سيجندون ليقتلوا من كبّرا
لم يتركوا طفلا ولا امرأة ولا...كهلا وما وضعوه إرهاب الورى
يا عيد أنت دوام كل محبة...فاجعل دوام النصر فينا مثمرا
هزمت جيوش المسلمين ولم تزل...تدعو لترجع حقنا متأخرا
صمنا ثلاثين التي فرضت ولم...نستثن بعد الست كي نتحررا
فعبادة الله العظيم وصاية...للنفس مما في رجاها استنصرا
نحن الذين تسامروا في مسجد...واستغفروا وتحمّلوا ما قدّرا
نحن الذين نسمّع الدنيا إذا...قمنا وصلّينا قتلنا قيصرا
نحن الذين رؤوسنا فوق السهى...وكلام رب الكون أحسن متجرا
نتلو بآيات الكتاب كأننا...فرق من الجيش العرمرم عسكرا
في هذه الأرض الكبيرة كلها...من غيرنا صلى الضحى واستغفرا
لا بد يا عيد السعيد أمورنا...ستعود حتما تجعل الجلــّى ورا
لا بد من فجر يلوح ضياءه....فالله ناصرنا ولن يتأّخـّرا
ما أجّل الله العظيم قضاؤه...إلا لخير للعباد تحضــّرا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق