لا تموت الذاكرة !
بقلم حسين ابو الهيجاء
.. و لا زلتُ أمامكِ تماماً .. ، خفيفٌ كالإسفنج ، خدِرٌ كنسمات الفجر ، راعشٌ كورودٍ خريفية ..
و لا زلتِ .. تحتفظين بتوهّجكِ و اللهيب !
و أنا كالفَراش .. أدنو من الإحتراق . و أوزّعُ لسعاتي على جسدي و روحي ..
و في شفتيكِ لهيبٌ .. لا أقوى عليه .. لا أقوى عليه .
أتذكرين .. ?
اتفقنا أن أوزّع لهيبكِ على أيام عمري ،
و هكذا تجلّت شفتاك اختصاراً لي ، و معنىً لحياتي :
شفتكِ العليا .. وطني
و السفلى .. أخرُجُ بها من منفاي !
و لازلتِ توغلين في الموت
و لا زلتُ أركضُ خلف وطني ، أبحث عن الإحتراق ، أطارد طيفاً من لهيبٍ ، و من نور ،،،
كلُ العواصمِ تقاسمتني ،،
و نالتْ حظّها من أرَقي ،، و من سَقَمي في البحثِ عن شفتيكِ ..
كلُّ الأرصفةِ نالتْ من ركضي وراء وطني ، و أتعَبَتها خُطاي ..
كلُ المقاهي الجوعى أُتخِمَتْ من سجائري ، و من خربشاتي ، ومن فوضايْ ..
أنا لا أؤمن .. أن الذاكرة تموت بالرحيل خلف الحياة .. !
لا يموت النورُ يا سيدة النور ،، و إن استبدّ الظلام !
رجفةُ شفتكِ السُفلى ، حالةٌ ( منفردةُ العزفِ ) على وتر اللهفة و الشبق العذريّ !!
أتذكرين .. !
أتذكرين ?!
فالذاكرة لا تموت بالرحيل خلف الحياة
لا يموت النورُ .. يا سيدةَ النور !
سأوغلُ خلفكِ حتى تنبجسَ شفتاكِ ..
أو .. يقتبسني الموت ..
لا فرق بين الحالتين ، فالنتيجة واحدة :
سأعثر على اللهيب .. !
النتيجة واحدة :
سأغادرُ منفايَ ، و يحتويني وطني .. !
و سأوزّعُ عمري على شفتيكِ ..
العُليا وطني
و السفلى نهايةُ منفاي !!
و شفتاك اختصار العواصم
و اقتباسي من مخيمات الضياع
و أنتِ تُخبّئين نوركِ في عتمتي .. ،
و توغلين في بطن العدم !
مات أبي منذ دهرٍ .. ، فصرتُ يتيماً من قبل الفطام !
و رحلَتْ شفتاكِ ..
فعرفتُ ..
أن لليُتمِ شكلاً آخر ، طعماً آخَر ، و قساوةً اخرى .. !
و عرفتُ .. أني لن أقوى على نسيانكِ
فأنتِ .. نصفُ أحلامي
و أنتِ .. مَن بحثتُ فيك عن وطني .. !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق