الأحد، 1 أبريل 2018

لغة الكلام ... بقلم روعة محسن الدندن


لغة الكلام

لأننا ممنوعون من الكلام و هم من كانوا يحاولون أن نتعلم لغتهم و نطق الحروف الأولى لنصرخ لهم لتكون بيننا صلة وصل لمعرفة كل ما نريده فنعبر عن الحب و الكره و الغضب أيضاً ليبتسموا لكل كلمة ننطقها و كم كانت سعادتهم كبيرة عندما كبرنا و بدأنا نتعلم رسم الحروف ومعرفتها ... يشجعوننا على التفوق و التميز و رؤيتهم لشهاداتنا و كل التقديرات التي ننالها ليتباهوا بها و يطلقون الألقاب الكثيرة لنا و يصفونا بأننا عباقرة و يحددون لنا مستقبلنا و يجعلونا نعيش الحلم معهم و نحن نسير إلى داخل أحلامهم ...نصدقهم بأنهم يمنحونا حرية الكلام و حرية الإختيار و حرية العيش و كل أنواع الحريات للحياة من الملبس إلى المأكل و حتى المَشرب
لنجد كل ما نفعله ..حتى البوح للأوراق مميت و صعب و قاتل و أن أول ما يسلبوه منا هو الكلام ..لأنهم يفضلون لغة البكم و لا يرغبون بسماع أصواتنا أو حتى مناقشتهم أو التعبير عن رغباتنا و اعتراضنا و غضبنا و فرحنا و حتى صوت ضحكاتنا
لنختنق بالبكاء سراً لأن البكاء هزيمة و ضعف و هو أشبه بالكلمات الميتة التي لا يمكننا أن نتفوه بها
لا نمارس أي شيء سوى الثرثرة داخلنا و السفر عبر قصاصات الورق و تمزيقها عند انتهاء كل رحلة خشية أن يطلع عليها أحد و يجلدنا لأننا تكلمنا أو فكرنا أو حتى سافرنا إلى الأحلام
نمارس لعبة الممنوع منذ أزل بعيد و لم نحاول الإعتراض ربما لأننا كنا نجهل الكثير أو أصحاب رؤية متواضعة و خائفة من تلك التهم التي ستلصق بنا
لعبة البوح لعبة صعبة جداً على الكاتب و الشاعر و حتى من بدأ يتعلم كتابة الحروف و لو أتقنّا عدة لغات تبقى هي اللغة الأصعب لأننا نخشى ذكر الأسماء و ذكر التفاصيل و العثرات
و من نظرة الآخر لنا و من العقاب و الظن ليصبح جسدنا و فكرنا
كتلك اللوحة التي تتلقى السهام و محاولة إصابة الهدف
يعلمونا الكذب و لكنه ممنوع لنا و يصبح جريمة إذا تم اكتشافنا .. يعلمونا الحرية و هم يعتقلون كلماتنا و فكرنا .. يعلمونا الحلم و هم يغتالون أحلامنا

يضعون لنا المساحيق لنكون أجمل في عيونهم فنصاب بالخوف عندما نرى وجوهنا الحقيقية
لنجد أنفسنا مع كتاب لا يحوي إلا الأسئلة و الجواب الوحيد لها جميعاً   (((  ممنوع   )))
كم مرة جلست مع هذه الأوراق البيضاء و لعبت معها لعبة الخربشات بعضها يحمل رسوماً و بعضها كلمات والبعض يحمل مجرد خطوط تعبيراً عن الغضب 

و لكن من يستطيع فهما ؟؟
لا أحد غيرك

لكنها في النهاية ترسل إلى سلة المهملات خشية أن يراها أحد فنقوم بحرقها لتكون رماداً و ننثرها مع الرياح
لا أحد سيعلم ماذا كتب بها أو يحاول التفكير لماذا الرياح تحمل الكثير من الرماد و الأوراق و لا يصغي لصوتها
صوتها الهادئ أحيانا كأنها نغمات عاشق لمعشوقته أو عاشقة مسجونة داخلها الكلمات
وأحيانا صوت مرعب يشبه ثورات الغضب وثوران البركان أو زلازال ربما تعود لشخص يصرخ خلف الجدران أو إمرأة تهان
أو طفل جائع يتوسل رغيف خبز لينام

لماذا نشغل أنفسنا بتحليل كل شيء والتفكير به و لماذا نغني لجمهور يعتبر الأوبرا هو شذوذ الأصوات و إزعاج للأذن و يصيب بالصداع و حتى الموسيقى التي بلا كلمات هي محرمة
و تجلب الشيطان

و لذلك كله أقوم بتمزيق كل الأوراق التي أدون بها تاريخ أو قصيدة أو حتى الخربشات الغير مفهومة
أحرقها لأن من علمنا الكلام هم من يريدننا أن نصمت لنحيا بسعادة و سلام

ألم أقل لكم لغة البوح أصعب اللغات و ليس لها مدرسة و لا أستاذ و لا حتى منهاج

/روعة محسن الدندن/سورية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ناطرين بكرا تا يجي ... بقلم جميلة نيال

ناطرين بكرا تا يجي ناطرين بكرا تا يجي يطوي بحنانه المسأله و يا ريت بشويِّة أمل معهم كمان بنفسجه يمكن نغني بليلنا و يمكن ن...