الجمعة، 8 مارس 2019

(( من مالِ اللّٰهِ يا محسنين))....بقلم الاستاذ سليمان سليمان


كنتُ جالساً تحت شجرة سنديانٍ 
في جَوٍّ صيفي حار 
أطلقت العنان لأفكاري التي لا ترحمني وما رحمتني يوماً
قلت في نفسي: سأصير لصاً
قَرَّرْتُ أن أسرقَ منزلاً لِمَرَّةٍ واحدةٍ فقط وهو قرار غريب عجيب ولغايةٍ في نفسي. 
وأنا جالسٌ ولفافة التبغ بيدي وإبريق المتة الأسود فوق الحطب المشتعل 
خلال لحظات ذهبت مئات الكيلومترات إلى منزلٍ وراقبت أهله حتى خرجوامنه. 
دخلت البيت 
سرقت المجوهرات والمال في وضح النهار
لم أَحسب ما سرقت 
وضعتهم في كيس 
خرجت  
جلست على قارعة الطريق قبالة المنزل 
انتظرت ساعات طويلة 
عادت الأسرة إلى البيت
انتظرت لحظاتٍ وذهبت إليهم قبل أن يخبروا الجهات المعنية. 
وقفت أمام الباب
ضغطت مفتاح الجرس بيدي
فُتِحَ الباب
- السلام عليكم
- وعليكم السلام
ماذا تريد يا أخي؟ 
هذا ما قالته لي صاحبة البيت. 
رحتُ أراقب الأسرة
الحزن يَلُفُّ المكان والأسى بادٍ على الوجوه والدموع على خدود الأطفال الذين عادوا من المدرسة فرحين بالعشرة التي حصلوا عليها في المذاكرة ولكن اللص الذي هو أنا لم يكتفِ بسرقة المال بل سرق الفرحة من الأطفال. 
- من مال الله يا محسنين. 
- ( صاحب البيت)  
يا عم لقد سرق لص بيتنا وهذه مشيئة الله ولم يبق لدينا لا مال ولا مصاغ. 
وعلى الفور وقفت طفلة ومسحت دموعها وابتسمت وأخرجت من حقيبتها قطعة نقدية وقالت لي :
- هذه ما تبقى من خرجيتي في المدرسة 
تفضل
ادعي لنا الله أن يعيد مالنا المسروق. 
نظرت في القطعة النقدية وإذ بها من فئة العشرة. 
وضعتها في جيبي وقلت لها :
- يا رب يعود مالكم إليكم. 
تركت الكيس الذي يحتوي على مالهم الذي سرقته وخرجت من البيت. 
لم أمشِ مسافة طويلة حتى كان صاحب البيت يتبعني. 
استوقفني وأعادني إلى البيت
دخلت 
كانت البسمة قد عادت إلى الوجوه التي طغت عليها الحيرة والذهول. 
أمسكت الطفلة الكيس وقالت لي :
- يا عم 
لقد نسيت مالك في هذا الكيس. 
خذه
-مددت يدي إلى جيبي وأخرجت العشرة وقلت بصوت عالٍ :
- هذا هو مالي
هذا ما جاءني عندما طلبت منكم ( من مال الله يا محسنين) .
استأذنت وانصرفت. 
نظرت حولي وإذ بالنار قد انطفأت وإبريق المتة قد بَردَ ماؤه ولفافة التبغ في يدي انطفأت بعد أن وصلت نارها إلى الفيلتر. 
وقفت متكئاً على عصاي للحظاتٍ 
سالت دمعة من عيني
مسحتها بيدي
عدت أدراجي إلى البيت. 
وقبل أن أجلس على الكرسي الخشبي الذي يحكي تاريخاً دخل رجل عجوز قائلاً :
من مال الله يا محسنين فأعطيته العشرة.
 بقلمي: سليمان سليمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ناطرين بكرا تا يجي ... بقلم جميلة نيال

ناطرين بكرا تا يجي ناطرين بكرا تا يجي يطوي بحنانه المسأله و يا ريت بشويِّة أمل معهم كمان بنفسجه يمكن نغني بليلنا و يمكن ن...